اقتصاد

الإغلاق الحكومي الأمريكي يدخل يومه السادس والثلاثين وسط مفارقة في بيانات سوق العمل

رغم استمرار الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة لليوم السادس والثلاثين، في أطول تعطيل تشهده البلاد متجاوزاً إغلاق عام 2019

85 / 100 نتيجة تحسين محركات البحث

الإغلاق الحكومي الأمريكي يدخل يومه السادس والثلاثين وسط مفارقة في بيانات سوق العمل

رغم استمرار الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة لليوم السادس والثلاثين، في أطول تعطيل تشهده البلاد متجاوزاً إغلاق عام 2019، كشفت بيانات حديثة عن أداء غير متوقع لسوق العمل في القطاع الخاص، ما يعكس من جهة مرونة الاقتصاد الأمريكي، ومن جهة أخرى الضبابية السياسية التي تهيمن على واشنطن.

أداء غير متوقع للقطاع الخاص

أظهرت بيانات شركة “إيه دي بي” المتخصصة بمعالجة بيانات الرواتب والموارد البشرية أن التوظيف في القطاع الخاص الأمريكي سجل خلال تشرين الأول الماضي زيادة بنحو 42 ألف وظيفة، متجاوزاً توقعات المحللين التي حددت الزيادة بـ22 ألف وظيفة فقط، وفقاً لاستطلاعات “داو جونز” و”وول ستريت جورنال”.

وأوضحت كبيرة الاقتصاديين في الشركة أن أرباب العمل أضافوا وظائف للمرة الأولى منذ تموز، بعد تراجع في أيلول حين خسر الاقتصاد نحو 29 ألف وظيفة، مشيرةً إلى أن هذا الارتفاع يعكس انتعاشاً محدوداً لكنه إيجابي في ظل الإغلاق الحكومي الذي علّق نشر بيانات فيدرالية أساسية تتعلق بالتوظيف والتجارة ومبيعات التجزئة.

شلل الإدارة الفيدرالية وتكلفة اقتصادية باهظة

يستمر الإغلاق الحكومي الأمريكي منذ مطلع تشرين الأول نتيجة الخلاف بين الكونغرس والإدارة حول الموازنة العامة، ما أدى إلى توقف عمل عشرات الوكالات الفيدرالية وتعليق رواتب مئات آلاف الموظفين.

وتشير تقديرات اقتصادية إلى أن استمرار الوضع الحالي يكلف الاقتصاد الأمريكي مليارات الدولارات أسبوعياً، بسبب تعطّل الخدمات الرسمية وتجميد العقود والمشتريات الحكومية، في وقت يعتمد فيه الملايين على تلك المؤسسات كمصدر دخل ودعم اجتماعي.

تحول الثقل نحو القطاع الخاص

مع توقف الإدارات الفيدرالية وتجميد التوظيف الحكومي، أصبح القطاع الخاص يلعب دوراً محورياً في امتصاص اليد العاملة المتضررة.
ويشكل هذا القطاع العمود الفقري للاقتصاد الأمريكي، إذ يوفر أكثر من 85٪ من فرص العمل، غير أن استمرار الإغلاق قد يضعف هذه القدرة تدريجياً نتيجة تراجع الثقة العامة وتباطؤ الإنفاق الاستهلاكي.

ضبابية بسبب غياب البيانات الرسمية

يرى خبراء اقتصاديون أن أهمية هذه الأرقام لا تكمن في النمو فحسب، بل في الفراغ المعلوماتي الذي خلّفه توقف المؤسسات الفيدرالية عن نشر بياناتها، ما جعل القطاع الخاص المصدر الوحيد لتقدير الوضع الاقتصادي، وزاد من حالة عدم اليقين لدى المستثمرين وصنّاع القرار.

قطاعات رابحة وأخرى خاسرة

وفق تقرير “إيه دي بي”، شهدت الزيادة في الوظائف تحسناً في قطاعات التعليم والرعاية الصحية والتجارة والنقل والخدمات، مقابل خسائر في قطاعي التصنيع والمعلومات وبعض الخدمات المهنية.
أما نمو الأجور فبقي ثابتاً عند 4.5٪ للعاملين المستمرين و6.7٪ لمن غيّروا وظائفهم، وهي مؤشرات رئيسية يراقبها مجلس الاحتياطي الفيدرالي عند تحديد سياساته النقدية المرتبطة بالتضخم.

انعكاسات سياسية واقتصادية واسعة

يؤكد محللون أن تحسن التوظيف – رغم محدوديته – يعكس مرونة سوق العمل الأمريكية في مواجهة الأزمات السياسية، لكنه لا يلغي مخاوف التباطؤ الاقتصادي في حال استمرار الإغلاق.
كما أن هذه التطورات قد تؤثر في خيارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة، وفي المناخ السياسي قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، خصوصاً مع تراجع ثقة المستهلكين واستمرار التوتر بين السلطتين التنفيذية والتشريعية حول الموازنة.

ارتدادات على الأسواق العالمية

أي تحسن أو تراجع في سوق العمل الأميركي ينعكس مباشرة على أسواق المال والعملات العالمية، إذ يؤدي نمو الوظائف عادة إلى ارتفاع الدولار وتذبذب أسعار الأسهم في أوروبا وآسيا، إضافة إلى تأثيره في الطلب العالمي على الطاقة.
ويحذر اقتصاديون من أن استمرار الضبابية قد ينعكس تباطؤاً في التجارة الدولية ويزيد من حذر المستثمرين في الاقتصادات الناشئة.

إغلاقات سابقة وتداعيات مستمرة

شهدت الولايات المتحدة عدة إغلاقات حكومية خلال العقود الماضية، أبرزها عام 2019 الذي استمر 35 يوماً وتسبب بخسائر بلغت 11 مليار دولار وفق تقديرات مكتب الموازنة في الكونغرس، وكذلك إغلاق عام 2013 الذي أدى إلى تراجع النمو الاقتصادي في الربع الأخير من العام.
وتؤكد هذه السوابق أن الإغلاقات الطويلة لا تمس فقط الموظفين الحكوميين، بل تمتد آثارها إلى مختلف مكونات النشاط الاقتصادي، إذ يجد القطاع الخاص نفسه في كل مرة أمام تحدي تحمل أعباء إضافية للحفاظ على وتيرة النمو.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى