الوضع المالي والاقتصادي الذي يعيشه المواطن السوري، خاصة فيما يتعلق بالحصول على الرواتب من الصرافات الآلية، يعكس أزمة أعمق تتجاوز مجرد مشكلة الوصول إلى النقود. ففي ظل الانتظار الطويل أمام الصرافات وتكرار مشهد “الصرافات المفلسة”، بات الموظف السوري يشعر وكأنه يطارد سرابًا حينما يسعى للحصول على راتبه، الذي بالكاد يكفي لتغطية تكاليف رحلة العودة إلى المنزل.
الأستاذ مجدي الجاموس من كلية الاقتصاد بجامعة دمشق فرع درعا أوضح أن سياسة حبس السيولة المتبعة حالياً هي حل مؤقت لمعالجة العجز، لكن الاعتماد عليها بشكل مستمر يضر بالاقتصاد على المدى البعيد. حيث أن هذه السياسة تقيد القطاع المصرفي وتقلل من فرص الاستثمار الضرورية للنهوض الاقتصادي، مشيرًا إلى أن دعم الإنتاج وإطلاق العنان للقطاع المصرفي لممارسة نشاطه بحرية يعدان من الأسس الحيوية لتعزيز النمو الاقتصادي.
ويرى الجاموس أن أزمة الحصول على الرواتب تعود جزئيًا إلى سلوكيات فردية وإلى ضعف الرقابة على القطاع المالي، بالإضافة إلى الفساد ونقص الكوادر المتخصصة، وهو ما يستدعي تفعيل دور القطاع المصرفي في دفع عجلة الاقتصاد بدلاً من مجرد إيجاد مبررات للعجز القائم.
من ناحية أخرى، كشف سميع حمود، المدير التقني في المصرف العقاري، عن رفع سقف السحب اليومي عبر صرافات المصرف إلى 600 ألف ليرة سورية، في محاولة لتخفيف الضغط على المواطنين. وأكد حمود أن المصرف العقاري يسعى إلى تحسين الخدمات من خلال توريد 200 صراف آلي جديد وتوسيع نطاق خدمات الدفع الإلكتروني بالتعاون مع المصارف الأخرى.
ورغم هذه الجهود، لا يزال مستوى الخدمات المصرفية في سوريا منخفضًا، وفقًا لتصريحات الجاموس، وهو ما يضع تحديًا كبيرًا أمام تحسين التوقعات والتعاملات المصرفية، خاصة في المناطق التي تعاني من نقص حاد في عدد البنوك العاملة.